نجاح تجربتي دمج الخيال العلمي في المنهج الدراسي
إبَّانَ فترةِ السبعينيَّاتِ مِن القرنِ العشرِين بدأتِ الدولُ المتقدّمةُ تقنيًّا باستخدامِ الخيال العلمي على نطاقٍ واسعٍ في المناهجِ؛ لتشجيعِ الأطفالِ والشبابِ على القراءةِ، وحبّ الاطّلاعِ والبحث، فالخيالُ هُو نقطةُ انطلاقِ كلّ نشاطٍ إبداعيّ وابتكاريّ فِي كلّ المجالاتِ، وهُو القدرةُ على تصويرِ الواقع في علاقاتٍ جديدة، وقدْ أصبحَ الخيال العلمي ضرورةً مُلحَّةً فِي عصرِ ثورةِ المعلومات، وتطوّرِ التقنياتِ، ومِن طرقِ تنميةِ الخيالِ العلمي سردُ القصصِ العلميّةِ الخياليّةِ للاختراعاتِ والمستقبل، ويُعدّ تدريسُ الخيالِ العلميّ، وتدريبُ المتعلّمين علَى كتابةِ قصصٍ مِن الخيالِ العلميّ البذرةَ الأُولَى لإعدادِ عقولِهم للاختراعِ والابتكارِ والاكتشاف.
لقد اكتملت قصة نجاحي في تجربة الخيال العلمي مع الطالبات، حيث كان لها نواتج تعلّم (أفكار لاختراعاتٍ وابتكارات، وتصاميم عن الخيال العلمي)، وقد بدأت التجربة بتطبيق نظرية تريز، ثم ربطها بالخيال العلمي، ثم دمج الخيال العلمي في اللغة العربية بتدريس الخيال العلمي، وأدب الخيال العلمي كبرنامج إثرائي، ثمّ تبلورت الفكرة في كتاب ودراسة بحثيّة، ثمّ بدأت بالقراءة حول سكامبر والخيال، ومن ثمّ اتجهت لقراءة البحوث العلميّة المرتبطة بالخيال، والتعرّف على ما توصّلت إليه تلك الدراسات في مجال الخيال، ومن ثمّ برزت فكرة تأليف كتاب عن الخيال، وبالفعل بدأت جاهدة في تأليف الكتاب، والذي جاء بعنوان (تقنيات الخيال العلمي فنّ صناعة الطالب المبتكر)، وقد كتبت في المقدمة أنّ هذا الكتاب يساعدك كمعلّمٍ ومربٍ في اعداد جيلٍ من المكتشفين والمخترعين والمبتكرين، وقد شعرت بفرحةٍ كبيرة عند خروج هذا الكتاب الى حيّز الوجود، وقد حصل على العديد من الجوائز العالميّة والمحليّة، وتمّ تحفيزي سواء أكان من المجال التربويّ أو الأسريّ أو الاجتماعيّ، وقد ركّزت في الكتاب في التوسّع في فضاء الاختراع والإبداع والخيال، وانتهى الكتاب بالتطرّق لمقياس مقترح حول الخيال العلمي.
وإيمانًا مني بأهميَّةِ الخيالِ العلمي فقد قرَّرتُ تدريسَهُ للطالباتِ؛ لتحفِّيزهنَ علَى التخيُّلِ والتفكيرِ العلميّ، والبحثِ عَن الحقائقِ العلميَّةِ، والتنبؤاتِ المستقبليَّةِ، وتدريبهنَ علَى حلّ المشكلاتِ، وإيجادِ البدائلِ، وتقبُّلِ المعلوماتِ، والمحاولةِ والتجريبِ، والنقدِ البنَّاءِ، والتعبيرِ عَن آرائِهنَّ بحريَّة، ومن خلال إبحاري في موضوع الخيال العلمي سأورد بعض الاقتراحات المتواضعة؛ لتفعيل الخيال في المناهج الدراسيّة:
- تبنّي فكرة تدريس الخيال العلمي في المدارس؛ ليحتذوا بمن سبقهم من عباقرة آمنوا بقدراتهم.
- تنفيذ دورة الخيال العلميّ في المؤسّسات التعليميّة للمعلّمين والمتعلّمين، وفي جميع المنشآت الطبيّة والصناعيّة والبيئيّة والتنمويّة والتربويّة.
- تحديد الهدف الرئيس من تفعيل الخيال العلمي في جميع المؤسّسات.
- عرض التجارب العالميّة التي نتجت عن خيال العلماء، وكُتّاب الخيال العلميّ في الحصص الدراسيّة، والاطّلاع على الذكاء الاصطناعيّ في دول العالم.
- تحفيز المتعلّمين للانفتاح على الحضارات، ووضع بصمة لكلّ طالب قبل التخرّج من خياله.
- تفعيل الخيال العلميّ من خلال أنشطة ورحلات وزيارات لأماكن تُحفّز على الإبداع، وإطلاق الخيال.
- إنشاء مسابقة عالميّة مرتبطة بالمنهاج الدراسيّ وفق معايير وضوابط لأفضل فكرة في الخيال العلمي، ويتمّ وضع جوائز قيّمة لها تشترك فيها جميع الدول، ويمكن أن تحتوي هذه المسابقة على “أبحاث، إستراتيجيّات، تجارب، اكتشافات، اختراعات، ابتكارات، رسومات، تطوير مناهج، أفلام، مقالات، قصص وروايات، رؤية” بشرط احتضان هذه النتاجات والعمل على تحقيقها للاستفادة منها عالميًّا.
- تبادل الخبرات بين المؤسّسات والمنشآت من خلال الزيارات بعد جمع الأفكار والاقتراحات لدراسة كيفيّة تحقيقها، وإخراجها لحيّز الوجود.
- دمج المتعلّمين بين مكوّنات الذاكرة، وبين الصورة العقليّة التي حصلوا عليها من خلال الخبرات الماضية؛ ليكوّنوا أفكارًا وأشكالًا عقليّة جديدة.
- تفعيل الجانب الأيسر، والجانب الأيمن من الدماغ.
لقد كانت تجربتي ورحلتي في تنمية الخيال أمرًا ملفتًا ومثيرًا فعلًا، أرجو الاطّلاع عليها، والاستفادة منها، ففيها ستجد عالمّا جديدًا مختلفًا عن بقية العوامل، وستجد أنّ فيها علمًا، فالخيال هو علمٌ قائمٌ بحدّ ذاته.