فوائد وأهمية الخيال العلميّ
الخيال موضوع هام جدًا للطفل، بل لازم له، ومن خصائص الطفولة الخيال الجامح، ولتربية الخيال عند الطفل أهمية تربويّة بالغة، ويتمّ تنمية الخيال من خلال سرد القصص العلميّة الخياليّة عن الاختراعات والمستقبل، وتعتبر مجرد بذرة لتجهيز عقل الطفل وذكائه للاختراع والابتكار، حيث تثير شغف الأطفال، وتجعل عقولهم تعمل وتفكّر (أحمد، 2010)، وللخيال أهمية كبيرة في خلق الصور الذهنيّة التي تقوده إلى الفهم، فالمعلومات والأفكار في العلم والأدب يستوعبها الطفل مستعينًا بمخيلته التي تصوّر كلّ تلك العناصر في تراكيب خاصة دونما حاجة إلى أن تعاد أو ترسم له الأفكار والمعلومات آليًّا.
أهمية الخيال العلميّ لدى المتعلّمين:
ترجع أهمية الخيال العلميّ لدى المتعلّمين إلى أنّ الخيال هو القوة الأساسيّة الفعّالة خلف كلّ اختراع، ولولا الخيال ما وصلت البشريّة إلى ما هي عليه الآن؛ ولهذا بدأت الدراسات والبحوث المتصلة بالخيال تستعيد قوتها، وترتبط بشدة بالإبداع والابتكار، خاصة أنّه لا إبداع بدون خيال.
ويرتبط الخيال ارتباطًا وثيقًا بالتفكير؛ ولأنّ الخيال أحد الأنشطة العقليّة التي يمارسها الفرد؛ لبناء صورٍ جديدة؛ لذلك فإنّه يعتبر أحد أنشطة التفكير العلميّ، فالتفكير العلميّ يعتمد في العادة على فرض الفروض المقترحة لحلّ المشكلات التي تواجه الإنسان، وصياغة هذه الفروض تعتمد على ما سيكون عليه الأمر في المستقبل أيّ تعتمد على الخيال.
وإذا كان الخيال يعدّ متعةً فنيّة فإنّ للخيال فوائدٌ مهمةٌ، منها: أنّه يمثّل حالة نمو عقليّ لدى الفرد، تخدم مجالاته الحياتيّة عقليًّا وسلوكيًّا وعاطفيًّا، كما يمثّل وسيلة من وسائل التعرّف على المحيط والبيئة من خلال النص المقدّم أو المقروء له، ويمثّل حالة تعويض عاطفيّ لدى الطفل يتجاوز محتويات النص الأدبيّ المكتوبة، بما يضيفه على الفكرة التي يقرؤها أو يسمعها، ويمثّل وسيلة أساسيّة في نقل المعلومات والأفكار والأحاسيس والقيم التي يقدّمها الكاتب للطفل من خلال النصّ، لأنّ الكاتب يتيح للطفل استخدام خياله في استرجاع أو تتبّع الصورة التي رسم له بعض ملامحها، ويتركه يستكملها بخياله، فيُحدِث ذلك لديه متعةً وتفاعلًا يتيحان للأفكار والمعلومات أن تتسلّل إلى كيان الطفل بيسر وسهولة.
كما يمكن للتخيّل أن يؤدّي ثلاث وظائف أساسيّة، فهو يعتبر أحد أشكال التفكير الأساسيّة التي يتمكّن الطفل من خلالها من تمثّل الواقع داخل نسقه التصوّريّ، ويقوم من خلال الألعاب الرمزيّة للفرد بإتاحة الفرصة لخفض التوتّرات، والتعبير عن الأفكار والمشاعر والاندفاعات، حيث إنّ الطفل عن طريق التخيّل ـــــ خاصة في مرحلة الطفولة المبكّرة ـــــ يخلق لنفسه عالمًا وهميًّا يحقّق له رغباته التي لا يستطيع تحقيقها في عالمه الواقعيّ، ومن ثمّ يصبح التخيّل صمام أمن الطفل النفسيّ، فهو يخفّف من التوتّر النفسيّ، ويقلّل من مشاعر النقص والعدوان والغيرة، ويقوم بوظيفة إحداث التكامل في الشخصية، فاللعب الرمزيّ الخياليّ لدى الأطفال ليس فقط وسيلة لخفض التوتر والحصول على معلومات جديدة، لكنه أيضًا يقوم بإحداث التكامل بين المزاج الشخصيّ والدافعيّة والذكاء والموهبة، ومن ثمّ فهو وسيلة لتحقيق الذات، أو للوصول على صورةٍ مناسبة حول هذه الذات.
تبرز أهمية الخيال في كونه يساعد في:
- إيجاد التنبّؤات الجادة بالمستقبل:سبق التنبّؤ بالاكتشافات والإنجازات العلميّة والتكنولوجيّة التي تحقّقت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تطوّر الخيال العلميّ منذ أواخر القرن التاسع عشر، مثل: أشعة الليزر والذكاء الصناعيّ، وصناعة الربورت، وصناعة القنبلة الذريّة، وبطاقات الائتمان، وغزو الفضاء، وزراعة الأعضاء البشريّة، وأطفال الأنابيب، والهندسة الوراثيّة، والعلاج الجينيّ، والاستنساخ، والنانو تكنولوجيّ (التقنيات المتناهية في الصغر وغيرها).
- المنهج العلميّ: وهو ما يسمّى بالتجارب العقليّة في العلم، وخاصة بعد ارتفاع تكاليف البحث العلميّ وتقنياته واقتحامه لمجالاتٍ دقيقة، كالذرّة وأعماق الفضاء، حيث يفترض العلماء “تجربة خياليّة”، ثمّ يطرح التساؤل “ماذا يحدث لو؟”(what if?) ، أيّ أنّ الخيال العلميّ عبارة عن “معمل” من خلاله يمكن التوصّل إلى حلول لكثيرٍ من المسائل والمشكلات، فالخيال العلميّ يوجّه العلماء نحو أبحاثهم واكتشافاتهم.
- نشر وتبسيط الثقافة العلميّة: الخيال العلميّ أحد أهم وسائل نشر وتبسيط الثقافة العلميّة بأسلوبٍ مبتكَرٍ وشائق، كما أنّه ينمّي أسلوب التفكير العلميّ، ويزيد من قدرة الفرد على إدراك واستيعاب المفاهيم العلميّة، وإيجاد اتجاهات وقيم إيجابيّة لدى الأفراد تجاه العلم والعلماء، ممّا يدفعهم لتمثّل خطاهم، وإتاحة الفرصة للمزيد من الاكتشافات والابتكارات.
- تنمية الإبداع ومهارة حلّ المشكلات، والقدرة على التفكير الناقد لدى المتعلّمين، كما أنّه يشجع على القراءة والاطلاع، وإشباع حبّ الاستطلاع لديهم.
ولعل من أهم أدوار الخيال العلميّ أنّه يعمل كمترجم للعلوم لدى البشريّة، فالعلم حقّق تقريبًا كلّ ما تنبّأ به الخيال العلميّ، فبعد أعوامٍ قليلةٍ من بدء غزو الفضاء تبدّدت كلّ الشعارات التي عارضته، وتكرّرت الحكمة القديمة “أحلام الأمس هي حقائق اليوم، وأحلام اليوم ستكون حقائق الغد”، وعصر الفضاء الذي نعيشه تجسيدٌ واقعيّ لرواياتٍ خياليّة كتبها أصحاب الخيال العلميّ من أدباء القرون السابقة؛ لذلك تخيّل وأبدع وجد اختراعاتٍ وابتكاراتٍ جديدة، فما زال العلماء لم يكتشفوا إلا القليل من الاختراعات… وهي تنتظرك أنت؟
أهم المراجع:
أبو قورة، خليل قطب وسلامة، صفات أمين (2006). الخيال العلمي وإثراء الإبداع، الإمارات العربية المتحدة، دبي: ندوة الثقافة والعلوم.
إسماعيل ، مجدي (2010). التفكير الاستدلالي المنطقي لدى معلمي العلوم أثناء أدائه التدريسي وعلاقته بتنمية الخيال العلمي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية، دراسات في المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة عين شمس، 155، 183-229.
الجاجي، محمد أديب. (1999). أدب الأطفال في المنظور الإسلامي دراسة وتقويم. عمان: دار عمار.
سعيد، أيمن حبيب (2000). استخدام استراتيجية مقترحة في تدريس العلوم لتنمية الخيال العلمي والاتجاه نحو مادة العلوم لدى التلاميذ المكفوفين، المؤتمر العلمي الرابع (التربية العلمية للجميع) الجمعية المصرية للتربية العلمية، 2، 369- 414.
عبد العال، رشاد (2019). فاعلية برنامج تدريبي قائم على الخيال العلمي في تنمية مهارات الخيال الإبداعي والتذوق البصري لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية، مجلة كلية التربية في العلوم التربوية، جامعة عين شمس، 43(2)، 82-14.
محمد، فاطمة (2012). فعالية استخدام الأنشطة العلمية في تنمية الخيال العلمي بمرحلة رياض الأطفال. مجلة القراءة والمعرفة، جامعة عين شمس، 134، 123-144.