طريقة تدريب الآباء والأمهات لأبنائهم على الخيال العلمي

المقالات

طريقة تدريب الآباء والأمهات لأبنائهم على الخيال العلمي

     يولد الطفل وهو مزوّد بما يسمى نوافذ الفرص، وهو ما يشير إلى وجود فترةٍ يكون فيها الطفل أكثر قدرةً على الاستفادة، وبناء الرصيد الذي سيُبنى منه العقل بعد ذلك، والتي على الوالدين استثمارها في مجالاتٍ عديدة، ومنها مجال الخيال والابداع، وهناك فترةٌ زمنيّةٌ قُصوى إذا لم يتم خلالها الاستفادة من هذه الفرص فإنّ الاستفادة بعد ذلك تكون أقلّ بكثيرٍ، وربما تنعدم؛ لذلك فإنّ إثراء بيئة طفل الروضة بالمثيرات والحوافز، وتنوّعها وتجدّدها يؤدي إلى زيادة الروابط العصبيّة، وهي الروابط التي تزيد من كفاءة عمل المخ والجهاز العصبيّ للإنسان.

     كما أنّ لتنمية واستثارة الخيال لدى الأطفال من قبل الوالدين دورًا هامًا لتنمية التفكير الإبداعيّ الذي يعد مطلبًا أساسيًّا من متطلبات التربية الحديثة، فنجد أن معظم تعريفات الابتكار تدور كلّها حول البحث عن الجديد، وإنتاج الأصيل اعتمادًا على الخيال، كما أنّ الخيال مكوّنٌ أساسيّ في السلوك الابتكاريّ‘ ومن ثمّ فالعلاقة بينهم واضحة، ولهذا جاء أهمية توفير بيئةٍ تنمّي سلوك الأطفال من خلال حبّ الاستطلاع، واستكشاف البيئة المحيطة، والأدوات المتاحة لهم مما يؤدّي إلى اكتشافاتٍ واختراعاتٍ جديدة.

     وتعتبر السنوات المبكّرة في حياة الطفل هي الأساس في تشكيل شخصيته وتفكيره الإبداعيّ عن طريق التعرّف على ما يمتلك من قدرات، وتوظيفها مستقبلًا في أعمالٍ وأفكارٍ إبداعيّة، وهذه مسؤولية الأسرة والمدرسة والبيئة، فهؤلاء يلعبون دورًا كبيرًا في تنمية قدرات الطفل الإبداعيّة؛ لبناء شخصيةٍ قادرةٍ على الإبداع في الحياة في صورها المتطوّرة بشكلٍ دائم.

     ولتربية الخيال العلمي لدى الطفل منذ سنٍّ مبكرة أهميةٌ تربويّةٌ بالغة، وهذا يتمّ في المنزل والمدرسة، وبوسائل عديدة، لعل أهمّها القصص الخرافيّة التي يتلوها الكبار أو يروونها للأطفال، وخصوصًا قبل النوم، شريطة أن تنطوي تلك القصص الخرافيّة على بعض مضامين أخلاقيّة إيجابيّة، وأن تكون سهلةً واضحةَ المعنى بالنسبة للأطفال، وتثير اهتمامهم، وتداعب مشاعرهم المرهفة الرقيقة، وكذلك يؤدّي لتنمية الذكاء هذا النوع من الأدب: القصص العلميّة الخياليّة للاختراعات والمستقبل، فهي مجردُ بذرةٍ لتنمية الخيال العلمي وحبّ العلم، وتجهيز الطفل، وعقله، وذكائه للاختراع والابتكار.

     وتعدّ الأسرة وسيلة اتصاليّة تربط بين جيلين متتاليين عن طريق تنشئة أطفال كلّ جيلٍ على القيم والمبادئ والمعايير والسنن الاجتماعيّة التي تحلّى بها الجيل السابق، ومن هنا فالأسرة تقوم بإعداد النشء، ونقل التراث من جيلٍ إلى جيل من أجل تكوين شخصية المواطن، وتربيته جسميًّا وعقليًّا وروحيًّا، وترسّب في أعماق الصغار منذ نعومة أظافرهم المعتقدات والقيم وأساليب سلوكيّة مقبولة. ولأنّ الأسرة      

من أهم المصانع الاجتماعيّة التي تنتج الوجدان الثقافيّ والروحيّ بواسطة شبكة القيم التي تغرسها في أفرادها من خلال عملية التنشئة الاجتماعيّة، فإنّ الأخيرة بفعل مجموعة من الإخفاقات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، تَرَاجَع دورُها أو تضاءل في إنتاج التربية المؤسّسة على القيم الهادفة، والموصولة بموروثنا الثقافيّ والحضاريّ، كما أنّ الأسرة تقوم بدورها من دفعٍ بأبنائها إلى كوكب الرسوم المتحركة الذي بدوره احتواهم وتبنّاهم.

     ويدعو “روبين” Robin إلى ما يُسمى “بإرضاء الخيال”، فالخيال عبارة عن قدرةٍ كامنة داخل الطفل، ولابد من تنشيطها بمزيدٍ من الأنشطة والممارسات في كافة المجالات الطبيّة والهندسيّة والتربويّة، وحتى الفنيّة، وليس هناك أدنى شك في الأهمية القصوى للاكتشاف المبكّر للخيال لدى الطفل، والمحافظة عليه، وتعهده بالرعايةِ والعنايةِ من أجلِ تحقيقِ الاستفادة القصوى منه، وما يمكن أن يترتّب على ازدهار هذه الموهبة من إنجازاتٍ لا تفيد الطفل فقط، بل تفيد المجتمع فيما بعد.

مراحل نمو الخيال

     وتبدأ مراحل نمو الخيال من النشاط التخيّليّ مع الإنسان منذ مراحل نموه الأولى ضمن المراحل التالية:

المرحلة الأولى:

     مرحلة الواقعيّة والخيال المحدود، وتتسم هذه المرحلة بمحدوديّة خيال الطفل في إطار البيئة المحيطة بالطفل، وتبدأ في السنة الثالثة للطفل، وتنتهي في السنة الخامسة.

المرحلة الثانية:

     وهي مرحلة الخيال الحرّ التي تبدأ ما بين السنة السادسة حتى السنة التاسعة، ويبدأ الطفل بتكوين الضمير، والتخلّص من الأنانية في هذه المرحلة، ويميل إلى الاستطلاع وقراءة القصص المصورة، ثمّ مرحلة الطفولة المتأخرة (الواقعيّة).

المرحلة الثالثة:

     التي تمتد ما بين السنة التاسعة والسنة الثانية عشر، ويهتم الطفل فيها بالواقع وتخيّله، ويعتمد على الصور الذهنيّة، ويميل للألعاب القائمة على مهارة المنافسة.

   المرحلة الرابعة:

     هي المثالية التي تبدأ من السنة الثانية عشرة، وتنتهي في السنة الخامسة عشرة، ويميل الأطفال فيها للاستقرار العاطفيّ، والقصص التي تمتزج فيها المغامرة بالعاطفة، ونقل الواقعيّة، وتزداد المثاليّة، ويتشوقون للقصص البوليسيّة، ويميلون لاختلاق القصص من الخيال حيث يُخلَق الإبداع لديه.

     فالأسرة يمكن أن تسهم بشكلٍ كبيرٍ في مساعدة الأطفال لتنمية الخيال، وعليهم أن يبدأوا بالحديث معه مبكرًا في هذا المجال، وأن يستغلوا المواقف؛ لكي يقولوا للطفل تخيّل معي… تخيّل معي… تخيّل معي.

أهم المراجع:

بوشيخاوي، أسمهان ورقية، محمودي (2015). القيم التي يعكسها المضمون الأجنبي في برامج الأطفال “أفلام الكارتون” وأثرها على البناء المعرفي الثقافي للطفل. دراسة ميدانية عبر ولايات القطر الجزائري: وهران، مدية، البليدة، تيبازة. مجلة الطفولة والتنمية، المجلس العربي للطفولة والتنمية، 23(6)، 129-166.

حنورة، مصري (1997). الإبداع من منظور تكاملي، ط 2، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية.

كرم الدين، ليلى (2006). إعداد أطفالنا للمستقبل، منشورات المنظمة الإسلامية.

مازن، حسام (2013). تنمية الخيال العلمي الإلكتروني في مناهجنا الدراسية في مصر والعالم العربي رؤية استشرافية لما بعد عصر الحداثة، المؤتمر العلمي الدولي الأول، جامعة المنصورة، 1، 99-151.

الناقة، صلاح وكلاب، هبه (2017). فعالية برنامج قائم على الخيال العلمي في تنمية المفاهيم ومهارات التفكير البصري في العلوم لدى طالبات الصف الثامن الأساسي بغزة. مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، الجامعة الإسلامية بغزة، 25(2)، 65-41.

Robin, D. (2006). Science And The Imagination in The Age of Reason, Journal of Medical Humanities, United Kingdom, Scotland, 27, PP. 58-63.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *